<linearGradient id="sl-pl-bubble-svg-grad01" linear-gradient(90deg, #ff8c59, #ffb37f 24%, #a3bf5f 49%, #7ca63a 75%, #527f32)

البنوك تتخلى عن ذريعة المناخ وتتبع المال

bourse de casablanca actualités
نسى الخيانة. انسوا تلاعب المواقف. ما تفعله حاليا البنوك العالمية الكبرى لا يعتبر إنكارا للإلتزامات المناخية، بل هو في الحقيقة وعي تأخر طويلا. في عام 2024، استثمرت هذه البنوك نحو 900 مليار دولار في تمويل الطاقات الأحفورية، وفقًا لأحدث تقرير بعنوان « الاستثمار في المناخ ».

فمن الواضح أن استثمارات هذه البنوك، التي تدعي الالتزام بالتغير المناخي وتقديم الدعم لمشاريع الطاقة المستدامة، لم تتماشى مع تعهداتها السابقة. وكما أظهرت الأرقام، فإن هذا الإنفاق الكبير على مصادر الطاقة التقليدية يعني أن هذه البنوك تختار الربح على الالتزام بالمبادئ البيئية. وهذا ينذر بوجود تناقض صارخ بين ما تقول هذه المؤسسات وما تفعله فعليًا، مما يطرح تساؤلات حول جدية التزاماتها المناخية.

على مر السنوات، كان هناك ضغط متزايد من جانب المستثمرين والمجتمع المدني على هذه البنوك لتحويل استثماراتها نحو الطاقة النظيفة والمستدامة. ولكن، وكما نفهم من الأرقام، فإن الواقع ما زال بعيدًا عن الطموحات المعلنة. إن استثمارات بقيمة 900 مليار دولار في الوقود الأحفوري تعني أن هذه البنوك لا تزال تعتمد على مصادر الطاقة التقليدية التي تساهم في انبعاثات الكربون وتغير المناخ، وهذا يتعارض مع الاتجاه العالمي نحو الاستدامة.

إن توجّه البنوك الكبرى نحو الوقود الأحفوري يشير إلى عدم كفاية التغيير في الاستراتيجيات المالية. فمن المهم ألا تقتصر الاستثمارات على مجرد إعلانات أو تعهدات، بل يجب أن تتجسد في أفعال ملموسة تدعم الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون. إن التمسك بالكربون كمصدر اساسي للطاقة يعيدنا إلى النقطة التي تؤكد على أن البنوك بحاجة إلى إعادة تقييم استراتيجياتها لتصبح أكثر استدامة وملاءمة للبيئة.

التحول الجذري في طريقة تفكير البنوك يحتاج إلى دعم شامل من الحكومات والمستثمرين. يجب أن تكون هناك ربما حوافز مالية تجعل من الأسهل على هذه المؤسسات التحول إلى الاستثمار في المصادر البديلة ذات التأثير البيئي الإيجابي. إن استمرارية السياسات المالية التقليدية تعطي إشارة سلبية للأسواق وللمستثمرين الراغبين في الاستثمار في بدائل الطاقة النظيفة.

المسألة هنا ليست فقط مالية. إن التحول إلى نموذج أكثر استدامة سيتطلب جهودا من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك المجتمع المدني، والذي يلعب دورًا حيويًا في محاسبة الشركات. فالمستهلكين والمستثمرين اليوم أكثر وعيا من أي وقت مضى بآثار أعمال هذه المؤسسات على البيئة والمجتمعات، ويطالبون بمزيد من الشفافية والمساءلة من البنوك.

تواجه البنوك الكبرى أيضًا خطر فقدان ثقة الجمهور والمستثمرين إذا تواصلت في إنفاقها على الصناعات الملوثة. التوجه نحو استثمار طويل الأمد في الطاقة المتجددة ليس مجرد فكرة جيدة من الناحية الأخلاقية، بل هو أيضًا خيار مفيد من الناحية الاقتصادية حيث إن الأسواق تتجه حاليًا نحو الاستدامة.

علاوة على ذلك، يُعتبر اهتمام البنوك بالاستثمار في الطاقة النظيفة استراتيجية طويلة الأجل تخدم مصالح المستثمرين الذين يتطلعون إلى الاستفادة من الفرص التي توفرها الابتكارات التكنولوجية في هذا المجال. لذا، يتوجب على البنوك أن تدرك أن مستقبل التمويل يرتبط ارتباطًا وثيقًا برغبة المجتمع في الابتكار والنمو الأخضر.

بينما تندفع البنوك نحو ضخ الأموال في الوقود الأحفوري، فإنها تنسى أن الوقت قد حان للاستثمار في الابتكار والتكنولوجيا التي تدعم انتقالا حقيقيا نحو الطاقة النظيفة. وعليه، يتطلب الأمر تعهدًا حقيقيًا للتغيير بدلاً من مجرد تقديم بيانات إحصائية جميلة تعزز صورة هذه المؤسسات أمام الرأي العام.

يعتبر العمل المناخي ضرورة ملحة، خصوصا مع التغيرات المناخية التي تؤثر بشكل كبير على حياة الملايين حول العالم. إن البنوك التي لا تواكب هذا التحول ستجد نفسها في وضع غير مريح في المستقبل، فالاستثمار في الطاقة النظيفة لم يعد خيارًا بل هو ضرورة.

إن المجتمع الدولي يسعى نحو تحقيق الأهداف المناخية المحددة بموجب اتفاقية باريس، وفي هذا السياق، يجب على البنوك أن تلعب دورًا أساسيًا في دعم هذه الأهداف. فإذا استمرت هذه المؤسسات المصرفية في تمويل الوقود الأحفوري، فإنها لن تعزز فقط تغير المناخ بل ستعرّض أيضًا قدرتها على يعني ذلك وجود تحديات مالية مستقبلية كبيرة.

في الختام، فإن التخلي عن الالتزامات المناخية ليس خيارًا. يجب أن تكون البنوك على استعداد لمواجهة التحديات التي تنطوي عليها الانتقال إلى طاقة مستدامة. إن النفوذ الذي تمارسه هذه البنوك يمكن أن يكون عاملاً حاسماً في تشكيل مستقبل الطاقة، وعليها أن تستخدم هذا النفوذ بما يتماشى مع مصلحة كوكبنا ورفاهية الأجيال القادمة.

**أقدم أيضًا تدريبًا شخصيًا فرديًا. إذا كنت مهتمًا، أرسل لي رسالة خاصة على: marouane@risk.ma**

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

error: Content is protected !!
Retour en haut