لقد حققت الطاقة النووية انتعاشًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث ساهمت في تلبية احتياجات الطاقة العالمية بفضل قدرتها على توليد الطاقة بكفاءة عالية وبتكاليف منخفضة نسبيًا. ومع ذلك، وفي ظل التغيرات البيئية والاقتصادية الحالية، فإن التحديات التي تواجه قطاع الطاقة النووية تزداد تعقيدًا. تعتبر قضايا الأمان النووي، والتقنيات القديمة، وحاجة المحطات لتحديث أنظمتها عاملًا رئيسيًا يسهم في تدني الاستثمارات الحالية في هذا القطاع.
تشير التقارير إلى أن الاستثمار في بناء محطات جديدة للطاقة النووية قد تراجع بشكل كبير. بسبب المخاوف المتعلقة بالسلامة النووية والتكلفة العالية لبناء وتشغيل هذه المحطات، أبدت العديد من الدول ترددًا في الدخول إلى هذا المجال. على الرغم من المجاملات السياسية حول أهمية الطاقة النووية كجزء من مزيج الطاقة المستدام، فإن فعل الضرورة الاقتصادية لا يزال يتطلب ضمان شروط استثمارية جذابة للشركات العامة والخاصة.
كما يتزايد ضغط الدول من أجل الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. تلقى الطاقة المتجددة جذبًا أكبر للاستثمار بسبب تكاليفها المنخفضة وقابليتها للتوسع. هذا التحول أيضًا يضع الشركات النووية في موقف صعب، حيث يتعين عليها المنافسة في سوق تزداد فيه التحديات يومًا بعد يوم.
علاوة على ذلك، فإن التدهور في عمر المحطات النووية القديمة يعد من القضايا الملحة التي يواجهها القطاع. إذ يعتقد الخبراء أن نسبة كبيرة من محطات الطاقة النووية العالمية ستدخل مرحلة الإغلاق خلال العقدين المقبلين، نتيجة للتقادم والتكاليف العالية للصيانة. هذه الحقائق تؤكد ضرورة اتخاذ قرارات حاسمة فيما يتعلق بمستقبل الصناعة النووية.
بالإضافة إلى ذلك، تسلط تقديرات صندوق النقد الدولي الضوء على الحاجة إلى تركيز الجهود للاستثمار في التطور التكنولوجي للمحطات النووية الحالية. في حال تم اعتماد تقنيات جديدة مثل المفاعلات المتطورة، قد تتمكن الصناعة من التغلب على بعض من مخاوف السلامة والتكاليف، مما قد يشجع على تجديد الاستثمارات في هذا القطاع.
في الوقت نفسه، لا تنحصر قضايا الطاقة النووية فقط في المشهد السياسي أو الاقتصادي، بل تشمل أيضًا جوانب اجتماعية تتعلق بالقبول العام. حيث إن العديد من المجتمعات المحلية لا تزال تخشى من المخاطر المرتبطة بالطاقة النووية، الأمر الذي يتطلب أن تكون لدى الحكومة والشركات التفسير الجيد لعملية الأمان المتبعة، وتفهيم العامة بالاستفادة المحتملة من الطاقة النووية.
ومع اقتراب نهاية عام 2024، فإن توقعات الطاقة النووية العالمية تشير إلى انخفاض في الإنتاج والتشغيل، مما يستدعي إنهاء التفكير التقليدي حول قدرة هذا القطاع على المنافسة في ظل الظروف الحالية. هناك حاجة ماسة إلى رؤية استراتيجية واضحة لتطوير الطاقة النووية، تتضمن استقطاب الاستثمارات وتطوير تقنيات جديدة.
في ضوء ما سبق، تشير التوقعات إلى أن الطاقة النووية قد تجد نفسها وسط صراع مع التيارات العالمية نحو الطاقة المتجددة، ما لم يتم إجراء تعديلات جذرية في استراتيجيات الصناعة واستثماراتها. إن الوضع الحالي يدعو إلى تساؤلات كبيرة حول مستقبل الطاقة النووية، ويدعو المعنيين إلى التفكير بشكل أعمق حول كيفية إعادة بناء الثقة في هذا القطاع.
أقدم أيضًا تدريبًا شخصيًا فرديًا. إذا كنت مهتمًا، أرسل لي رسالة خاصة على: marouane@risk.ma